يفرون آلاف المسيحيين من الموصل إثر تهديد «داعش» بتصفيتهم
التنظيم يتبنى مسؤوليته عن تفجيرات بغداد الأكثر دموية.. ومسؤول كردي يحث الغرب على مقاتلة المتشددين

اعلن تنظيم "الدولة الاسلامية في العراق والشام (داعش)" المتشدد، مسؤوليته عن موجة تفجيرات بسيارات ملغومة في أحياء يغلب على سكانها الشيعة في العاصمة العراقية بغداد أمس (السبت)، قتل فيها 27 شخصا على الأقل.
وقال التنظيم الذي قاد هجوما في شمال وغرب العراق، ان انتحاريين نفذا تفجيرين، وأضاف أنهما أبو القعقاع الألماني وأبو عبد الرحمن الشامي. ويشير الاسمان الحركيان الى أنهما من ألمانيا وسوريا.
وكانت تفجيرات أمس هي الأعنف في بغداد منذ بدء الهجوم في مدينة الموصل بشمال العراق، ثم توسعه عبر مناطق يغلب عليها السنة في العراق باتجاه بغداد.
وذكر التنظيم في بيان على الانترنت، أن التفجير الانتحاري الاول استهدف نقطة تفتيش تجمع عندها جنود ورجال شرطة ومقاتلون متطوعون من الشيعة. ووقع التفجير الآخر في الكاظمية حيث يوجد أحد المراقد المهمة للشيعة.
وفي نفس الوقت انفجرت سيارتان ملغومتان الى الغرب من العاصمة. وتوعد البيان بشن المزيد من الهجمات.
وكانت مصادر امنية وطبية اكدت مقتل ثلاثين شخصا على الاقل واصابة العشرات بجروح في هجمات متفرقة، بينها خمس بسيارات مفخخة السبت في بغداد وشمالها.
وتتزامن الهجمات مع العملية العسكرية التي يشنها الجيش شمال بغداد لاستعادة السيطرة على مناطق سقطت بيد "داعش" وجماعات مسلحة أخرى.
على صعيد متصل بالأحداث، فر آلاف المسيحيين العراقيين منذ يوم الجمعة الماضي من مدينة الموصل (شمال)، بعد ان وجه مسلحو تنظيم "الدولة الاسلامية في العراق والشام (داعش)"، الذي يسيطر على الموصل، إليهم إنذارا يمهلهم فيه بضع ساعات لمغادرة مدينتهم وإلا سيكون مصيرهم التصفية.
وكان هذا التنظيم خيّر الاسبوع الماضي المسيحيين في ثاني أكبر مدن العراق بين اعتناق "الاسلام" او "عهد الذمة"؛ أي دفع الجزية، مهددا بأنهم "ان أبوا ذلك فليس لهم إلا السيف".
وقبل الاجتياح الاميركي في 2003 كان عدد المسيحيين في العراق يزيد على المليون، منهم اكثر من 600 ألف في بغداد و60 الفا في الموصل، لكنهم كانوا موزعين ايضا في مدينة كركوك الغنية بالنفط (شمال) ومدينة البصرة في الجنوب.
وبسبب أعمال العنف الدامية التي هزت البلاد منذ ذلك الحين، لم يعد عددهم يربو اليوم على الاربعمائة ألف في كل مناطق العراق، نصفهم في نينوى التي تعد الموصل عاصمتها.
وكان بطريرك الكلدان في العراق والعالم لويس ساكو قال لوكالة "فرانس برس" مساء الجمعة "لاول مرة في تاريخ العراق، تفرغ الموصل الآن من المسيحيين"، مضيفا ان "العائلات المسيحية تنزح باتجاه دهوك وأربيل" في اقليم كردستان العراق.
وقال ساكو ان مغادرة المسيحيين وعددهم نحو 25 ألف شخص لثاني اكبر مدن العراق التي تضم نحو 30 كنيسة يعود تاريخ بعضها الى نحو 1500 سنة، جاءت بعدما وزع تنظيم "داعش" بيانا يطالبهم فيه بتركها.
وقبيل موجة النزوح من الموصل، شهد العديد من القرى القريبة من هذه المدينة الاستراتيجية حالات نزوح كبيرة لسكان مسيحيين خوفا من دخول المسلحين المتطرفين اليها، وبينها بلدة برطلة المسيحية، التي يعيش فيها نحو 30 ألف شخص وتقع الى الشمال من الموصل.
وفي ظل نظام الرئيس الأسبق صدام حسين لم يكن المسيحيون يعتبرون مكونا خطرا لانه لم يكن لديهم طموحات سياسية كبيرة. لكن بعد الغزو الاميركي اصبحت البلاد ساحة معركة بين المتمردين والقوات الاجنبية. ثم استهدفت الطوائف المسيحية بأعمال عنف طائفية.
وخلال عشر سنوات هوجمت 61 كنيسة وقتل نحو ألف مسيحي، لكن ليس جميعهم في هجمات استهدفتهم مباشرة، بحسب بطريرك الكلدان في العراق والعالم لويس ساكو. والاعتداء الاكثر دموية وقع في 31 اكتوبر (تشرين الاول) 2010، عندما قضى 44 مصليا وكاهنان في الهجوم الذين شنه "تنظيم القاعدة في العراق والشام" على كاتدرائية السريان الكاثوليك في بغداد.
وفي ابريل (نيسان) الماضي تحدث البطريرك ساكو في مقابلة عن تنامي التطرف الديني وتوجيه تهديدات بالموت الى المسيحيين واستيلاء عصابات مسلحة على ممتلكاتهم ما دفعهم الى هجرة بلادهم.
على صعيد آخر، قال مسؤول أمني كردي كبير في مقابلة مع "رويترز" يوم أمس (السبت)، ان الدول الغربية ستقاتل المتشددين المسلحين الذين اجتاحوا مساحات كبيرة في العراق على أعتابها في نهاية المطاف، ما لم تتدخل للتصدي لهذا الخطر في المنبع.
وأضاف مسرور البرزاني مستشار مجلس الامن الوطني في اقليم كردستان، أنه يشك في قدرة الجيش العراقي على دحر ما حققه المتشددون من مكاسب بدون مساعدة من الخارج، وأن العالم غير جاد على ما يبدو في مواجهة التشدد.
واختفت قوات الجيش العراقي التي تلقت التدريب والمعدات من الولايات المتحدة بتكلفة نحو 25 مليار دولار الى حد كبير، في الشمال بعد سيطرة مقاتلي تنظيم "داعش" على مدينة الموصل الشهر الماضي.
ومن الموصل انطلق المتشددون المسلحون للسيطرة على معظم المناطق ذات الاغلبية السنية دون مقاومة كبيرة، الأمر الذي جعل بقاء العراق دولة موحدة معرضا للخطر بينما يتجادل السياسيون في بغداد بشأن تشكيل الحكومة.

ليست هناك تعليقات: