« جريــدة إخبـــار الكــترونـية يومــية سـياسـية عربـية شامـلة »

آخر الأخبار
<div style='background-color: #f03056;'><a href='http://garmin.ikiloop.com/' title='gps'>gps</a></div>

حِيفا في ذكرى الساكنة في عظام أبنائها

Posted by Unknown ~ الخميس، 25 أبريل 2013

 
عندما غادرت عائلة دحبور حِيفا مكرهة بفعل احتلال المدينة في 21 أبريل/ نيسان عام 1948، كان عمر ابنها أحمد دحبور عامين فقط، ولمّا أتيحت له زيارتها في عامه الخمسين، أي بعد 48 عاما، قال 'وجدت علاقة بين حجارتها وعظامي'.

والشاعر الفلسطيني أحمد دحبور، الذي كان يروي حادثة خروج عائلته في كلمات موروثة عن أمه وجدته ودموع والده في ذكرى احتلال حِيفا الخامسة والستين، قال إن المناسبة 'هي الأسى بعينه'.

وهُجّر دحبور وعائلته من حِيفا إلى لبنان ومنها إلى سوريا، حيث نشأ ودرس في مخيم للاجئين الفلسطينيين قرب مدينة حمص. وتنقل'مع رياح المقاومة' كما يقول 'من دمشق إلى عمان إلى بيروت إلى درعا إلى القاهرة إلى عدن إلى صنعاء إلى عشر سنوات في تونس' وعاد إلى غزة عام 1994 ومنها إلى رام الله لاحقا.

ومنذ هجرة دحبور وعائلته، تفكك المشهد العربي الفلسطيني في مدينة حِيفا وصولا إلى حصر بضعة آلاف من أهالي المدينة الأصليين في أحياء ضيقة. واجتاح المدينة وجه يهودي غريب.

وتناولت ندوة نظمها المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية (مدار) في رام الله بمناسبة ذكرى 'سقوط حِيفا' سياسات إسرائيل تجاه المشهد الفلسطيني بالمدينة من عهد ما قبل النكبة وحتى الآن.

بوابة بحرية
ومدينة حِيفا التي تقع في الطرف الشمالي للسهل الساحلي الفلسطيني، وتعتبر بوابة فلسطين البحرية وبها ارتبطت معظم المدن الداخلية.

ووفق المؤرخ جوني منصور، تعد حِيفا أصغر المدن الناشئة في فلسطين، وعمرها الآن 250 سنة، ابتداءً من تاريخ إعادة بنائها بصورتها الحالية على يد الشيخ ظاهر العمر الزيداني حاكم منطقة الجليل شمال فلسطين منذ عام 1761.

وفي عام 1914 بلغ عدد السكان الفلسطينيين في حِيفا 18500 شكلوا 85% من السكان، وتراجعت أعدادهم عام 1944 إلى 64 ألفا بنسبة 49% نتيجة هجرة عدد كبير من الألمان بعد الحرب العالمية الثانية إليها.

وفي عام النكبة بقي من العرب 3400 بواقع 4% فقط، في حين بلغ عدد اليهود 95 ألفا. واليوم يبلغ عدد العرب 35 ألفا يشكلون 11% واليهود 230 ألفا.

وعندما تأسست المدينة كانت بألف نسمة وارتبطت عوامل إقامتها بتوفير الأمن لخليج عكا المجاور وللسيطرة على مواقع إستراتيجية تربط بين منفذ البحر والمناطق الداخلية ولإيجاد ميناء جديد يوفر الفرصة لتصدير المنتجات الزراعية وخاصة القطن.

واحتضنت المدينة أنشطة وفعاليات اجتماعية واقتصادية وثقافية وسياسية خلال النصف الأول من القرن العشرين حتى وقوع النكبة التي دمرت مسيرة نمو وتطور المدينة العربية، وشردت أهلها ومزقت شملهم وحولتهم إلى لاجئين.

تطهير شامل
يقول منصور إن ما حدث لحِيفا في أبريل/ نيسان 1948 كان عملية تطهير عرقي شاملة لأهلها، وبمجرد ترحيلهم عنها شرع الاحتلال بهدم أحيائها وإبادتها عن الوجود وتهويدها بواسطة توطين مهاجرين غرباء في بيوتها.

ويذكر منصور في تأريخه لسقوط حِيفا، أنه ما إن صدر قرار التقسيم رقم 181 في نوفمبر/ تشرين الثاني 1947 باشرت المنظمات اليهودية بالتحرك لاحتلال حِيفا، حيث وقعت المدينة وفقا لهذا القرار في 'حدود الدولة اليهودية'.

وشنت هذه المنظمات العسكرية سلسلة من الهجمات على الأحياء العربية وقتلت العشرات من سكانها دون أن يحرك الإنجليز ساكنا، حيث كانت المدينة تقع في عهدة الانتداب البريطاني قبل أن يخلوا مسؤوليتهم عنها لصالح اليهود.

ولاحقا شنت المنظمات اليهودية وعلى رأسها 'الهاغاناة' قصفا متواصلا لأحياء حِيفا العربية بأنواع كثيرة من الأسلحة بما فيها الكيمياوية والقنابل الضخمة التي نشرت الرعب في المدينة، مما حدا بمئات العائلات للنزوح عنها 'ريثما يهدأ الحال'.

وسعى وجهاء وزعماء حِيفا إلى تشكيل قيادة ميدانية للدفاع عن المدينة غير أنهم لم يملكوا المال والسلاح الكافي، كما أن عدد المقاتلين كان قليلا بالمقارنة مع العصابات اليهودية.

وعندما حاولت القيادة العربية الحصول على السلاح من سوريا ولبنان، نصبت العصابات اليهودية كمينا لها بالطريق، ففجر قائدها حمد الحنيطي ورفاقه أجسادهم كي لا تقع قافلة السلاح غنيمة بيد الأعداء.

ولما بلغت أخبار التفجير مسامع الأهالي هرع الكثيرون منهم إلى ميناء حيفا وجهاتها الشرقية هربا من هجمات المنظمات الصهيونية. وحينئذ قامت القوات البريطانية في المدينة بتسلم مواقعها الحساسة لقيادة الهاغاناة استنادا لقرار إنجلترا إنهاء انتدابها على فلسطين.

وتاليا، شنت العصابات الصهيونية في عمليتين منفصلتين أطلق عليهما اسم 'المقص' و'تطهير الفصح' عملية تطهير عرقي منظمة للسكان العرب.

وانتهى المطاف بأهالي المدينة لاجئين في مخيمات موزعة على اليرموك في سوريا وبرج البراجنة في لبنان وإربد في الأردن ومخيم جنين شمال الضفة الغربية.

حِيفا اليوم
واليوم يعيش من تبقى من الفلسطينيين في أحياء مكتظة بوادي النسناس وشارع عباس، والقليل منهم في حي الجمال وأحياء الحليصة وغيرها.

غير أن سياسات التطهير العرقي لأهالي المدينة ما زالت مستمرة بعد ستة عقود ونصف عقد على احتلالها، حيث يذكر المؤرخ منصور أن خطة بلدية حِيفا الإسرائيلية المعلنة قبل شهرين تظهر مخططات لتأهيل كل المدينة ما عدا الأحياء العربية.

ويعني هذا، وفق منصور، ترك الأحياء العربية متآكلة ومترهلة وسط اكتظاظ سكاني يولد إشكاليات اجتماعية واقتصادية ستؤدي لاحقا لاستصدار قرارات بإغلاق محال وبيوت وترحيل العرب بسياسة 'التهجير بالرضا' مما يعني تفريغ حِيفا العربية تماما.

ورغم هذه السياسات، يقول المؤرخون لمسيرة حِيفا بعد الاحتلال إن من تبقت من شرائح المجتمع العربي الفلسطيني استطاعت إعادة ترميم حياتها وبناء مؤسساتها السياسية والاجتماعية والدينية والثقافية.

وما زالت مناسبات سقوط حيفا حافزا لدى الكثيرين من أبناء المدينة والمهجرين عنها للعمل من أجل إحياء هويتها القومية والعمل على استعادة المكان وتاريخه وتحقيق العودة لأبنائها وأجيال من بعدهم.

أخبار ذات صلة

ليست هناك تعليقات:

« جريـــــدة إخبـــــار الكــترونية يــومــية ســياســيةعربــية شاملة » © 2013 . حقوق الطبع والنشر محفوظة {يسمح بالاقتباس شريطة الاشارة الى المصدر}