ندوة تطور العلوم الفقهية بمسقط في اختتامها
مسقط {عرب فوركس }
خلصت ندوة تطور العلوم الفقهية التي اختتمت أعمالها الثلاثاء بالعاصمة العُمانية مسقط إلى توصيف 'فقه العيش' الذي تبنته الندوة كشعار لها، بأنه 'التصالح مع النفس، والتساكن والتحاور مع الآخر والعيش معه وفق قواعد الاحترام المتبادل وضمان الحقوق والحريات لكل إنسان'.
وخرجت الندوة -التي استمرت أربعة أيام ونظمتها وزارة الأوقاف والشؤون الدينية العمانية- بـ22 توصية، بينها الدعوة إلى التزام القيم الأخلاقية المتبادلة التي تعد عاملاً أساسيا للعيش مع الآخر، باعتبار أن الأصل في العلاقات بين الناس جميعاً هو التعارف والمسامحة والمساكنة.
وأكدت الندوة أن إحقاق الحق والعدل والمفاهيم الإنسانية واستقرار الأمم يكون بالتعايش، داعية في ذلك للحوار والتزام آدابه لتحقيق تلك الأهداف، وإلى الحفاظ على الواقع الإسلامي للمجتمعات الإسلامية بتعدد أديانها ومذاهبها، باعتباره دليلا وبرهانا على سماحة الإسلام والمسلمين.
العلاقة مع الآخر
ودعت الندوة إلى إعادة النظر في فهم النصوص التي تنظم العلاقة بين المسلمين وغيرهم، وفهمها فهماً يتسق مع المقاصد الكلية لدعوة الإسلام، مؤكدة أيضاً الحاجة الملحة لإنتاج الأفكار والمفاهيم والنظريات الإبداعية والاجتهادية لمواجهة متطلبات الواقع الحضاري والعيش المشترك.
كما أوصت الندوة ببحث موقف الفقه الإسلامي من بعض قواعد القانون الدولي المعاصر، ومراجعة الكثير من التصورات التي بنيت على أساسها مجموعة من الاجتهادات التي لم يعد لها وجود فعلي في الواقع، وبدراسة تأثير الفقه الإسلامي في صياغة القانون الدولي بفروعه المختلفة.
وشددت على ضرورة الانتقال من النظرية إلى التطبيق لتفعيل المؤسسات التي تقوم بتمثيل الإسلام والمسلمين في الغرب وفي المنظمات الدولية. مؤكدة أن الاتفاقيات الاقتصادية الدولية تجعل من الضروري إعادة صياغة النظريات الفقهية الخاصة بالعلاقات الدولية والسيادة والحكم، والعناية بالدراسات الفقهية التي تهتم بالعلاقات الدولية.
العلاقات الدولية
وفي سياق الحديث عن العلاقات والاتفاقيات الدولية، طالب الدكتور محمد السعيد الدقاق النائب الدائم لرئيس الجمعية العالمية للقانون الدولي، الفقهاء وعلماء الأمة باستخلاص أحكام من القواعد الكلية للشريعة تصلح للتطبيق على العلاقات الدولية باعتبارها صورة من صور العلاقات الإنسانية.
وأكد الدقاق -في حديث للجزيرة نت- أن الأمة الإسلامية في حاجة لتطعيم وسائل تنظيم العلاقات الدولية بالأحكام الشرعية حتى لا تفرض عليها معاهدات دولية كالمعاهدات المتعلقة بحقوق الإنسان وغيرها، وحتى لا تُواجه الدول الإسلامية بموقفين، إما القبول بها على علاتها أو التحفظ على أحكامها في ظل وجود الكثير من الصعوبات تترتب على التحفظ.
ويرى الدقاق أن استخلاص الفقهاء لهذا النوع من الأحكام بلغة علمية حديثة تتفق مع روح العصر يساعد الأمة الإسلامية على أن تغذي الاتفاقيات الدولية بأحكامها الشرعية، دون أن تكون بعيدة عن الإسهام في تنظيم العلاقات الدولية.
تصادم
وفي الشأن نفسه، تحدث للجزيرة نت الدكتور أحمد عوض الهندي من جامعة الإسكندرية، موضحاً أن هناك عددا من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية ذات الطابع الاجتماعي تعتبر من الاتفاقيات التي دخلت المجالات التصادمية الحرجة، مثل 'اتفاقية سيداو' حول حقوق المرأة والاتجار بالبشر وغيرها.
وأوضح الهندي أن للفقهاء دورا هاما في مثل هذه الاتفاقيات لأنهم يقدمون الرأي الشرعي للحكومات الإسلامية عند دخولها في المفاوضات الهادفة للتعديل.
ودعا الهندي إلى التقارب بين المذاهب، وإلى إعداد مشروعات قوانين نموذجية جنائية وتجارية وأحوال شخصية، مع عرضها على الدول الإسلامية كبداية للتقنين الإسلامي الموحد.
يذكر أن الهندي لفت في ورقة له بالمنتدى حول اتفاقية حقوق المرأة من منظور إسلامي إلى أن اتفاقية سيداو 'ليست كلها سيئة، وهي تتفق مع الشريعة الإسلامية في أمور عديدة، لكنها تخالف الثابت من أحكام الشريعة في أمور أخرى'.
ومن جانبه طالب الدكتور إدريس الفاسي الفهري -من جامعة القرويين بالمغرب- الفقهاء بأن يكونوا أبناء عصرهم الذي يعيشون فيه، وأن تكون آلياتهم جاهزة للتعامل مع مختلف المستجدات.
ليست هناك تعليقات: